النهج والأدوات
السلامة والأمن العام
تتسم الفترة المبكرة التي تعقب انتهاء النزاع بالفوضى والارتباك. من أجل تسهيل جهود إعادة الإعمار المنظمة، من المهم استعادة حضور القانون والنظام في الحياة اليومية. قد تكون هناك حاجة في الفترة الانتقالية إلى سلطات طوارئ خاصة وصكوك قانونية وآليات مراقبة لمنع النهب والسلب والإشغال غير القانوني للممتلكات وأنشطة البناء غير المتسقة وغير المنظمة.
يجب في ذات الوقت بذل جهد خاص لضمان السلامة في كافة الأماكن العامة، ومنع استئناف الأعمال القتالية، و إيقاف الأعمال الانتقامية.
من شأن المشاركة الجماعية في إعادة البناء المادي أن تساعد في إعادة إرساء السلام والتماسك الاجتماعي.
عودة السكان السابقين - التحقق من المطالبات والحقوق
يمكن أن تؤدي الحرب الأهلية إلى تغييرات ديموغرافية جذرية من شأنها أن تؤثر على حياة المدينة، وكثيراً ما تهدد مثل هذه التغييرات الإحساس بالارتباط العاطفي والشعور بالملكية والهوية الثقافية، الذين يعتبران عاملان رئيسيان في إندماج السكان في بيئتهم التقليدية. يجب أن تضمن الصكوك القانونية المتعلقة بتسجيل الملكية حماية حقوق الملكية للسكان العائدين.
قد يتم السماح لفترة انتقالية قصيرة بالإشغال المؤقت (غير القانوني) للمساكن الفارغة من قبل اللاجئين والمهاجرين، لكن لا يجب السماح بهذه الممارسة لإضفاء الشرعية على مطالبات الملكية.
لا يمكن الاستيلاء على المنازل المهجورة وتخصيصها لشاغلين جدد لأسباب إيديولوجية أو سياسية، أو لفرض تغيير ديموغرافي.
في بعض الحالات، إذا لم يتم تحديد أصحاب المنازل الشرعيين خلال فترة محددة، يمكن بيع المنازل الفارغة من قبل مؤسسة راعية يتم إنشاؤها لهذا الغرض، من أجل استئناف أعمال الترميم. يتم الاحتفاظ بعائدات المبيعات من قبل شركة خاصة مكلفة بمهمة تتبّع المالكين السابقين أو ورثتهم، بحيث يمكن تعويضهم. يجب استثمار الأموال التي لا يتم إعادة توزيعها بهذه الطريقة في عملية الترميم العمراني، كمنح وقروض صغيرة مثلاً للسكان الراغبين في إصلاح منازلهم.
المتطلبات المؤسساتية الخاصة
في ضوء الطابع الملح والكم الكبير من المهام والاحتياجات، فإن إعادة إعمار المدن التاريخية المتضررة في الحرب تتطلب أدوات تخطيط استثنائية و مخصصة.
من الضروري إجراء تقييم سريع للأولويات قصيرة الأمد وتقييم للأخطار والمخاطر والفرص طويلة الأمد. يمكن أن تساعد النتيجة – تحليل الحساسية العمرانية – أصحاب المصلحة على تحديد مجالات التدخل الأكثر إلحاحاً و التي من الممكن أن تنجح. إنما هناك حاجة إلى دعم قانوني ومؤسساتي فعال إن أردنا تنفيذ إجراءات مرنة للتخطيط وضبط توجهات التوسّع غير المنتظمة وغير المرغوب فيها.
أهم صك قانوني في هذا السياق هو وقف البناء المؤقت، ويمكن استخدامه لإرجاء اتخاذ القرارات بشأن مسائل التطوير الاستراتيجي في المناطق الحساسة إلى أن تنجلي الأمور ويتم اتخاذ قرارات مستنيرة. حين يكون الوقف سارياً، يمكن أن يتم إجراء البحوث الأثرية، ويمكن اتخاذ القرارات بشأن الحفاظ على التراث المعماري وإعادة استخدامه، ويمكن تحديد مشاريع إعادة التطوير العمراني الحديثة في المناطق المدمّرة بشكل صحيح.
ومن بين الأدوات المؤسساتية الأخرى التي يجب تطويرها وتكييفها مع الوضع المحدد، هناك أدوات حل قضايا ملكية الأراضي المعلقة. سيسهل ذلك إعادة تأهيل المنازل المهجورة ومشاريع إعادة التطوير الجماعي في المناطق التي تم فيها تدمير مساحات كبيرة من البنية العمرانية بشكل يتعذر إصلاحه.
تحديد المباني التراثية ومرافق القطاع العام الرئيسية
المباني التاريخية التي يجب ترميمها بشكل عاجل هي تلك التي لها وظيفة اجتماعية هامة، مثل المساجد والأسواق والفنادق. هذه المباني ضرورية لإعادة الحياة اليومية الطبيعية والحفاظ على الهوية المحلية الخاصة. يجب إدراجها وتسجيلها وتقييمها، مع إيلاء اهتمام خاص لقيمتها المعمارية / التاريخية وحالة التضرر المادي.
يجب إنشاء قائمة بالآثار ذات الأولوية القابلة للترميم بأسرع ما يمكن، كما ينبغي إعداد دراسات جدوى أولية وتقديرات للتكلفة بحيث يمكن “تسويق” المخططات للجهات المانحة المحتملة.
يجب اتباع إجراء مماثل بالنسبة للمرافق العامة الهامة، مثل المدارس والمستشفيات والحمامات والأسواق والفنادق، بصرف النظر عن قيمتها التاريخية.
تحديد مناطق إعادة الإعمار ذات الأولوية
الغرض من تحديد مناطق إعادة الإعمار ذات الأولوية التي يمكن فيها تنفيذ المشاريع الهامة سواء من الناحية المكانية أو المواضيعية هو تحقيق فائدة شاملة تتجاوز مجموع العناصر الفردية.
ويمكن لمناطق إعادة الإعمار ذات الأولوية هذه أن تتقاطع مع التقسيمات التاريخية والوظيفية والمعمارية وتنتج أوجه التآزر التي تعالج مشاكل إعادة التأهيل المعقدة وتولد زخماً يدعم الاستعادة العمرانية السريعة والمستدامة.
مناطق إعادة الإعمار ذات الأولوية يمكن أن:
- تستجيب لحالات الطوارئ والفرص الخاصة في البيئة المحلية
- تساعد في حل التضاربات المحتملة بين إجراءات الطوارئ المؤقتة واستراتيجيات إعادة التأهيل طويلة الأمد
- تخفّف من مخاطر إعادة التطوير المضرة في المناطق العمرانية الحرجة وفي الأراضي المدمرة أو المهجورة
- توفّر إطاراً لمشاريع إعادة الإعمار التجريبية
- تجمع بين أنواع مختلفة من التدخل وتدمجها، مثل الحفاظ على الآثار، وتطوير المجمعات السكنية، إعادة ملء جديد، إصلاح البنية التحتية، وإعادة تطوير شامل (أو قطعة تلو قطعة) في المناطق المدمّرة
- تسهّل البناء التكييفي النموذجي للجيوب الحديثة المتضررة أو المدمرة التي لا تتسق مع شكل البنية التاريخية
- تستثير التفاعل بين المجتمعات المحلية والإدارة العامة خلال عملية التخطيط والتنفيذ
- تزوّد المانحين والمستثمرين بمقترحات تمويل سريعة ومفيدة وقابلة للتطبيق من أجل إعادة الإعمار على مستوى المنطقة وتحديث الأنشطة التي تحول التركيز بعيداً عن الآثار المعزولة
- تسهّل التمويل المشترك من قبل الحكومة والمنظمات الدولية والجهات المانحة والمستثمرين المحليين والأجانب.
حشد أنشطة إعادة الإعمار الخاصة
تعتمد إعادة تأهيل المناطق السكنية التاريخية (التي تشكل غالباً الجزء الأكبر من البنية العمرانية التقليدية الموجودة سابقاً) إلى حد كبير على المبادرة والعمل والموارد المالية لأصحاب المنازل الخاصة. لذلك من الضروري حشد هذه الموارد وتعزيزها من خلال اتخاذ تدابير مختلفة، مثل:
- الدّعم العيني، مثل تقديم مواد البناء اللازمة مجاناً أو بتكلفة مخفضة.
- منح صغيرة أو قروض صغيرة يقدمها المانحون وترتبط بمراقبة الجودة.
- خطط الإعفاء الضريبي المرتبطة بالاستثمار الخاص.
- مساعدة مجانية على شكل مهارات متخصصة، ومتطوعين من المجتمع، والاستخدام المجاني للآلات والمعدات..إلخ
- الكتيبات و الإرشادات المتعلقة بقضايا الاستعادة النموذجية.
- دورات تدريبية في تقنيات المساعدة الذاتية في مجال الإصلاح و الترميم.
المناطق الأثرية المحمية
تخلق أضرار الحرب فرصاً غير متوقعة للبحث الأثري في المناطق المدمرة ورؤية تاريخ المدينة من جديد. لكن قد ينشأ عن التنقيب الأثري تعارض بين الاحتياجات الحيوية للسكان المحليين ورغبة علماء الآثار في حظر المناطق العمرانية الواسعة لفترة غير محددة أثناء إجراء أبحاثهم. في مثل هذه الحالات، يجب تحقيق توازن معقول.
يمكن مناقشة الحملات الأثرية الأساسية والمبررة والاتفاق عليها بالتشاور مع أصحاب المصلحة المعنيين، ويمكن حفظ المناطق المتضررة وحمايتها بموجب مرسوم قانوني لفترة محدودة. وتبعاً لأهمية النتائج، يمكن للمواقع أن تظل محط عرض للتاريخ العمراني، أو أن يتم إغلاقها وإعادة استخدامها بعد التوثيق العلمي اللازم.
وكقاعدة عامة، ينبغي بشكل مسبق تعيين المناطق الحساسة التي يتوقع أن تكون فيها النتائج الأثرية، ويجب أن تسمح السلطات المسؤولة لعلماء الآثار بالإشراف على أعمال الحفر لوضع أساسات مبان جديدة مهمة في المناطق الحساسة.