المدن التاريخية معقدة، فهي تدمج في تركيبها المتماسك الماضي والحاضر، التقاليد الثقافية والأعمال المعاصرة، وتجمع بين المجالات الخاصة والعامة. وهي تتميز بخاصية حبيبية و عضوية تتطلب منهجيات تخطيط مكيّفة إن أردنا نجاح إعادة الإحياء العمراني. وحتى في زمن السلم، تستحق المدن اهتماماً خاصاً.
يواجه التخطيط لإعادة الإعمار وضعاً غير مسبوق حيث تم تدمير التراث العمراني والمعماري العريق، وتم تشريد السكان وتفكيك المؤسسات وتوقف إجراءات التخطيط المنتظمة. يجب أن يدرك المخططون أن المدن التاريخية الممزقة بالحروب ليست عبارة عن آثار معرّضة للخطر فقط، بل هي قائمة على الأنظمة التنفيذية المعقدة التي تتطلب التجديد والتكيف مع الظروف المتغيرة.
لذلك يجب أن تترافق أشكال إعادة الإعمار المختلفة، من الحفظ والإصلاح إلى الترميم، مع إعادة التطوير العمراني. يكمن التحدي الذي تواجهه الجهات المسؤولة عن التخطيط في توجيه هذه العملية التي تجمع بين الإصلاح والتحويل ومن البداية.
ونظراً لحجم الدمار الذي تعرضت له المدن التاريخية في النزاعات المسلحة، فإن إعادة إعمارها يستغرق أمداً طويلاً. يجب معالجة العديد من مهام التخطيط الرئيسية. أولاً، يتعين على الأطراف المعنية الاتفاق على كيفية استعادة التراث الثقافي وإعادة بنائه. ثانياً، عليهم أن يحددوا الأولويات والمراحل كل على حدة، و يقرروا بشأن تخصيص الموارد.
لتشفى الجراح العميقة الناتجة عن النزاع يجب ألا تضم عملية التخطيط هذه الخبراء والمخططين وصناع القرار السياسي فحسب، بل المنظمات المدنية والسكان المحليين وأصحاب الأعمال أيضاً.