اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح
تشمل هذه الاتفاقية التراث الثقافي المنقول وغير المنقول. كان العائق الرئيسي أمام نجاح بروتوكولها الأول، الذي اعتمد عام 1954 و سعى إلى حماية “الممتلكات ذات الأهمية الكبرى للتراث الثقافي لكافة الناس”، هو وجود قوائم غير كاملة وغياب التعريف الواضح.
في أعقاب مزيد من النزاعات، تم تمرير بروتوكول آخر عام 1999 يرمي إلى تعزيز الاتفاقية، وينص على إنشاء نظام حماية لـ “التراث الثقافي ذو الأهمية البالغة للبشرية”.
تعتمد فعالية الاتفاقية وبروتوكوليها في نهاية الأمر على حسن النية ومبدأ التعامل بالمثل، ولن تكون ذات فائدة ما لم يوقّع عليها كافة أطراف النزاع. إن لم يكن أي من هذه الأطراف جهةً حكومية، فلن يكون مؤهلاً للتوقيع على الاتفاقية
اتفاقية اليونسكو للتراث العالمي لعام 1972
تعد هذه الاتفاقية أحد أهم أدوات حفظ التراث العالمي. تتمثل مهمتها الأساسية في تحديد وحماية التراث الطبيعي والثقافي العالمي الذي يعتبر ذا قيمة عالمية استثنائية، وهي تجسد الفكرة الرؤيوية التي تقول أن بعض الأماكن مهمة للغاية بحيث لا تقع مسؤولية حمايتها على عاتق دولة واحدة فحسب، بل على عاتق المجتمع الدولي ككل. توافق الدول الأطراف الموقعة على الاتفاقية على الامتناع عن اتخاذ أي تدابير متعمدة من شأنها إلحاق الضرر بالتراث الثقافي والطبيعي لأطراف أخرى في الاتفاقية، ومساعدة الأطراف الأخرى على تحديد وحماية ممتلكاتها.
يتم تسهيل تنفيذ الاتفاقية من خلال مبادئ توجيهية عملياتية تعرّف إجراءات إدراج المواقع الجديدة، وحماية المواقع، وقوائم الخطر، وتوفير المساعدة الدولية في إطار صندوق التراث العالمي.
تحكم لجنة التراث العالمي الاتفاقية بدعم من مركز اليونسكو للتراث العالمي، وأمانة الاتفاقية، وثلاث هيئات استشارية فنية للجنة: الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN)، المجلس الدولي للمعالم والمواقع الأثرية (ICOMOS) و المركز الدولي لدراسات حفظ الممتلكات الثقافية وترميمها (ICCROM). الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة هو الهيئة الاستشارية للتراث الطبيعي، وهو يراقب المواقع المذكورة في القائمة ويقيّم المواقع الجديدة المرشحة لقائمة التراث العالمي من خلال تطبيق معايير الاختيار الطبيعية ذات الصلة.
تدرك الاتفاقية مجموعة التهديدات لتدمير التراث الثقافي والطبيعي، بما في ذلك اندلاع نزاع مسلح، و الموارد غير الكافية، في كثير من الأحيان، المتاحة للدولة المتأثرة.
قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر
تقوم لجنة التراث العالمي بإعداد ونشر قائمة بالتراث العالمي المهدد بالخطر، تحتوي على مواقع مهددة بمخاطر خطيرة ومحددة، مثل:
- المشاريع الإنمائية
- اندلاع أو تهديد نزاع مسلح
- الكوارث الطبيعية.
تسعى اللجنة إلى الحصول على موافقة الدول الأطراف قبل أي إدراج في قائمة “المُعرّض للخطر”، ولكن في الحالات التي يكون فيها الموقع مهدداً ولا توجد حكومة فعلية، يمكن أن تصل اللجنة إلى قرار بمفردها. عندما تقوم اللجنة بإدراج موقع جديد في القائمة يتوجب عليها نشره على الفور.
تحتوي قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر حالياً على 54 ملكية، يقع أكثر من نصفها في الشرق الأوسط. تم إدراج معظم معالم التراث العالمي في أراضي سوريا واليمن والعراق على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
الإجراءات القانونية من خلال محكمة الجنايات الدولية
محكمة الجنايات الدولية هي منظمة حكومية دولية ومحكمة دولية تقع في لاهاي في هولندا. إدراكاً لأهمية حماية التراث الثقافي من الهجمات في أوقات النزاع، قامت اليونسكو و محكمة الجنايات الدولية بإعطاء الصفة الرسمية لتعاونهما وبتعزيزه من خلال التوقيع على إعلان النوايا في تشرين الثاني عام 2017.
في تصريح بمناسبة التوقيع، قالت إيرينا بوكوفا، المدير العام لليونسكو “إن التدمير المتعمّد للتراث الثقافي لا يؤثر فقط على هوية الناس التاريخية بل يغذي العنف الطائفي ويعيق التعافي وبناء السلام في مرحلة ما بعد النزاع. يجب على اليونسكو و محكمة الجنايات الدولية تعزيز تعاونهما لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، فهي ضرورة إنسانية وأمنية.”
إن الحكم التاريخي الأخير لمحكمة الجنايات الدولية في قضية تدمير الأضرحة والمزارات في تمبكتو (مالي)، والذي كان الأول من نوعه، أظهر بوضوح أن الاستهداف المتعمّد للتراث الثقافي جريمةً خطيرة تسبب معاناة كبيرة للمتأثرين منها مباشرةً وسواهم. أصدرت المحكمة بعد ذلك أمراً بجبر الضرر، ينص على أن لضحايا هذه الجرائم الحق في الحصول على تعويض.
وقد تمت الإشارة إلى أهمية مقاضاة المسؤولين عن جرائم الحرب ضد التراث الثقافي في القرار رقم 2347 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي كان أول من أدان التدمير غير المشروع للتراث الثقافي. في السنوات الأخيرة، أدت هذه التطورات غير المسبوقة إلى تعاون متكرر بين اليونسكو ومكتب المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، استناداً إلى تقارب الأهداف في إطار صلاحياتهما المستقلة.
.