© Mohammed Badra/Picture alliance/dpa

المعالم التاريخية

تقييم أضرار المعالم التاريخية

إن تقييم الأضرار التي لحقت بالآثار التاريخية يلقي نظرةً فاحصة على حالة المباني الفردية، أو مجمعات الأبنية، التي تمتلك قيمة ثقافية وتاريخية محددة. يمكن ربط المعلومات التي يتم جمعها بالأرشيف التاريخي والوثائق والبيانات الأخرى، ليس فقط فيما يتعلق بحالة ما قبل الحرب والشكل الأصلي للمبنى التاريخي، بل أيضاً تطوره عبر الزمن. يمكن استخدام الأرشيف الرقمي أيضاً حيثما أمكن، حتى في الحالات المؤقتة.

هناك عدد من النُهج والأدوات لتقييم الأضرار التي لحقت بالمباني والمعالم التاريخية بتفصيل أكبر.

يمكن لتقييم الضرر الكلي أن يكون مدخلاً لتقييم أكثر تفصيلاً، خاصةً إذا كان يحتوي على معلومات عن مباني بعينها تضررت أو دُمرت بسبب النزاع المسلح. في بعض الحالات، يمكن الحصول على معلومات كهذه من خرائط تقييم الأضرار التي أعدها معهد الأمم المتحدة للتدريب والأبحاث (UNITAR) عن مدن بعينها (مثل الموصل وصنعاء)، أو من عمليات التقييم الكلي الأكثر تفصيلاً، مثل تقرير اليونسكو عن أضرار الحرب في حلب.

الأهمية

من خلال الكشف عن حجم أعمال الإصلاح الضرورية، يوفر تقييم مفصل للأضرار مخزون من المعلومات التي تسهّل حماية وإصلاح وإعادة تأهيل و إعمار أهم المباني والمعالم التاريخية في المدن التاريخية التي دمرتها الحرب. يمكن استخدامه على وجه الخصوص لتقييم:

  • تدابير الإصلاح العاجلة أو الطارئة اللازمة لمنع مزيد من الضرر أو انهيار المباني
  • خيارات وإمكانات استعادة وترميم المباني التراثية الهامة
  • نطاق وتكلفة أعمال الإصلاح وإعادة الإعمار اللازمة
  • المهارات والحرف اليدوية وتقنيات البناء التي ستكون ضرورية لإعادة الإعمار المهني وفقاً لممارسات الصيانة المقبولة
  • مواد البناء وعناصر البناء.

المستخدمون والجمهور المستهدف

المستخدمون الرئيسيون والجمهور المستهدف في التقييم المفصل للأضرار هم من المختصين الذين يعتمدون على معلومات دقيقة عند تخطيط وتنفيذ عمليات الإصلاح وإعادة الإعمار، مثل:

  • صانعو القرار والخبراء في المنظمات الوطنية و/ أو الدولية المسؤولة عن حماية واستعادة المباني ذات الأهمية الثقافية؛
  • الحكومات المحلية أو الهيئات الإدارية المحلية الأخرى المسؤولة عن تخطيط وتنفيذ إعادة الإعمار في المناطق العمرانية؛
  • المختصون والخبراء المكلفون بتخطيط وتنفيذ تدابير الإصلاح وإعادة الإعمار، ومن ضمنهم المهندسون المعماريون والمهندسون المدنيون، وأخصائيو حفظ التراث، ومؤرخو الفنون.

المعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال عمليات التقييم المفصلة مهمة أيضاً لجمهور غير مختص، يشمل:

  • مالكو المباني التاريخية الذين ظلوا في الموقع أثناء النزاع أو عادوا بعد انتهاء القتال ويسعون للحصول على معلومات عن حالة مبانيهم وخيارات الإصلاح أو إعادة الإعمار وتكلفتها؛
  • ورثة وخلفاء قانونيون للمالكين الذين قُتلوا أو توفوا أثناء النزاع ؛
  • أصحاب الأملاك الغائبون، و غيرهم من السكان وأصحاب الأعمال الذين فروا أثناء النزاع ويريدون الآن تقديم مطالبات بشأن حقوقهم في السكن والأرض والممتلكات المتعلقة بمساكنهم أو متاجرهم أو ورشهم السابقة.

يمكن لمالكي العقارات والسكان وأصحاب الأعمال أيضاً أن يكونوا مصدراً هاماً للمعلومات لإجراء عمليات تقييم تفصيلية، خاصةً إذا كان بإمكانهم هم أو أقاربهم أو جيرانهم الوصول إلى المباني أو الممتلكات ذات الصلة.

نهُج وأدوات

تطوير نظام إدارة المعلومات

© Franziska Laue

يتم وضع الأسس لتوثيق وتقييم الأضرار التي لحقت بالمباني والمعالم التاريخية من خلال استحداث وإنشاء نظام مناسب لإدارة المعلومات.

هناك نوعان من الحلول التقنية الرئيسية المتاحة لهذا الغرض:

  • تطبيقات قواعد البيانات القادرة على معالجة المعلومات والوسائط المتنوعة، مثل النصوص والبيانات العددية والخرائط والصور ومقاطع الفيديو، مقترنةً ربما بالمرجعية الجغرافية إلى خرائط مفتوحة المصدر؛
  • نظم المعلومات الجغرافية المهنية مكتملة الأركان (GIS)

عند استحداث نظام فعّال، فإنّ أحد التحديات الرئيسية هو تحديد الاحتياجات من المعلومات بناءً على فهم واضح للطريقة التي يتم بها استخدام تقييم الأضرار. و لأن تحليل و توثيق الأضرار التي تلحق بالمباني الفردية يستهلك وقتاً و تكلفة، يجب مراعاة الحاجة إلى بيانات موثوقة ومفصّلة وإلى الجهد المطلوب لجمع المعلومات ومعالجتها.

لإعداد نظام إدارة المعلومات وتشغيله واستخدامه في سياق تقييم الأضرار، ستكون هناك حاجة إلى اختصاصيين مؤهلين من ذوي الخبرة في المجالات الرئيسية التالية:

  • استحداث وتشغيل نظم إدارة المعلومات.
  • الهندسة المعمارية و المدنية، مع خبرة خاصة في تقييم الأضرار البنيوية للمباني؛
  • تاريخ الفن والبناء، مع خبرة خاصة في أعمال الترميم؛
  • تنظيم حملات في وسائل التواصل الاجتماعي.

قد تكون هناك حاجة إلى برامج تدريب وبناء قدرات في حال عدم توفّر مختصين يتمتعون بالمهارات ذات الصلة.

وسائل التواصل الاجتماعي و الاستعانة بمصادر خارجية

في ضوء التحديات التي تنشأ عند توثيق الأضرار التي لحقت بعدد كبير من المباني التاريخية والآثار، يمكن جمع الكثير من المعلومات اللازمة لأغراض التقييم بمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي والاستعانة بمصادر خارجية.

كما سبق وأشرنا، يمكن لمالكي العقارات والسكان وأصحاب الأعمال أن يكونوا مصدراً هاماً للمعلومات لإجراء تقييم مفصل. يمكن أيضاً حشد مواطنين آخرين، وخاصة الشباب منهم، للمساهمة في عمليات تقييم كهذه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومصادر خارجية.

بوجه خاص، إذا كان الوصول إلى المواقع غير ممكن بسبب قيود سياسية أو أمنية أو قيود تتعلق بالسلامة، يمكن للاستعانة بمصادر خارجية و وسائل التواصل الاجتماعي أن تكون الأدوات الوحيدة المتاحة لجمع المعلومات اللازمة لبدء تقييم تفصيلي للأضرار التي لحقت بالأثار التاريخية الرئيسية.

تم حتى الآن الاستعانة بمصادر خارجية لأغراض تقييم الأضرار بشكل رئيسي في رسم خرائط الأضرار التي تسببها الكوارث الطبيعية. ومع ذلك، يمكن الاستفادة من الخبرة المتراكمة في مثل تلك الحالات وتطبيقها على المتطلبات المحددة لتقييم أضرار الحرب في حالات ما بعد النزاع.

مسح المباني التفصيلي على الأرض

Measuring historic building in Ely © Patricia Payne/Historic England

من أجل التوصل إلى تقييم دقيق وسليم تقنياً للأضرار، خاصة لأغراض تخطيط وتنفيذ إجراءات الإصلاح والترميم، يجب إجراء مسوحات مفصلة على الأرض.

يستلزم ذلك في معظم الحالات مسحاً على مقاس المبنى وخصائصه التاريخية الرئيسية، مثل الجدران و الأسقف و العوارض و الأعمدة و الأبواب و النوافذ و البوابات و الأشغال الخشبية والديكور وغيرها.

يمكن للأدوات الحديثة أن تسهّل مثل هذه المسوحات بشكل كبير، من تلك الأدوات تقنية قياس المسافة الكهرومغناطيسية ريفليكتورلس (EDM) أو أجهزة المسح الضوئي الليزرية المتطورة، والتي يمكن استخدامها لإنتاج مخططات أرضية دقيقة و ارتفاعات وحتى نماذج ثلاثية الأبعاد لمعلم تاريخي متضرر. تعتمد جودة ودقة البيانات بشكل كبير على مهارة وخبرة المشغّل، غير أنها تتوقّف أيضاً على برامج المعالجة وأي معدات أخرى مستخدمة.

على الرغم من هذه المساعدات، فإن الخبرة البشرية ضرورية عند تقييم الضرر البنيوي والنظر في الخيارات والحاجة إلى الإصلاح والترميم.

تقييم الأضرار في مشروع أرشيف التراث السوري

يقوم مشروع أرشيف التراث السوري في متحف الفن الإسلامي في برلين حالياً بتنفيذ مشروع فرعي برعاية مؤسسة جيردا هنكل وآخرين لتقييم الأضرار التي لحقت بالمباني التاريخية في مدينة حلب القديمة. هذا المشروع جزء من مبادرة تحقق في نهاية النزاع و في بداية جديدة تحت مظلة شبكة التراث الأثري (ArcHerNet) التي تُمول جزئياً من وزارة الخارجية الألمانية.

يتم تنفيذ المشروع الفرعي من قبل شبكة من العلماء والخبراء السوريين الشباب بدعم من خبراء عالميين وألمان.

تقوم فرق المشروع بشكل ممنهج بتوثيق الأضرار التي لحقت بالمباني والمعالم التاريخية المسجلة في أرشيف التراث السوري. يتم الحصول على معلومات عن حالة ووضع المباني التراثية من قبل أعضاء الشبكة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والاتصال الشخصي المباشر مع الأشخاص الموجودين على الأرض.

يتم جمع المعلومات التي تم الحصول عليها  في “كتاب غرفة رقمية” المرتبط ببيانات أرشيف التراث. يتم تسجيل الأضرار وتقييمها وفقاً  للمعيار الأوروبي EN 16096: 2012 المتعلق بالحفاظ على الممتلكات الثقافية.

يقوم نظام المعلومات الجغرافية (GIS) برسم خرائط رقمية لكافة الأجسام والمباني التي أجري لها تقييم درجة الضرر والعجلة في الإصلاح. بنقرة زر الفأرة تتوفر معلومات أكثر تفصيلاً عن مبنى فردي ما. كما يمكن لنظام المعلومات الجغرافية إنتاج كتالوج للأوصاف الفنية التاريخية للمبنى.

يقوم المشروع بجمع معلومات حديثة للذين يتخذون قرارات بشأن حماية وإصلاح وإعادة إعمار المباني والهياكل التاريخية.

تعتبر وحدات التدريب على التوثيق الرقمي والفوتوغرافي للأبنية، وعلى توثيق الضرر وتقييمه بما يتماشى مع المعايير الأوروبية EN 16096: 2012، عناصر تكميلية مهمة للمشروع.

يتوفر المزيد من المعلومات بزيارة موقع المشروع على الويب ومشاهدة الفيديو (باللغة الألمانية فقط) الذي يصف النهج المعتمد للمشروع.

مزيد من المراجع و المصادر

يمكن العثور على المزيد من الأمثلة العملية لتقييم الأضرار المتعلقة بالمباني و النصب التاريخية هنا:

Date: 24. August 2018 | Last modified: 16. August 2019

معلومات ذات صلة ...

© OTH Regensburg

النماذج ثلاثية الأبعاد

النماذج ثلاثية الأبعاد هي إحدى وسائل توثيق الآثار التاريخية. يمكن استخدامها كأدوات للبحث العلمي،أو لحفظ ذاكرة الموقع، أو لتحقيق إمكانية

© SHAP

الأرشيف الرقمي

تقدّم التقنيات الحديثة، بما في ذلك الرقمنة تحديداً، فرصاً جديدة لتسجيل وتخزين المعلومات المتعلقة بمواقع التراث الثقافي والآثار التاريخية و

An employee looks at an archaeological map at the exhibition 'Uruk - 5,000 Years Megacity' at the LWL Museum for archaeology in Herne, Germany, 31 October 2013. CAROLINE SEIDEL

© Caroline Seidel/Picture alliance/dpa

خرائط الأساس

في المراحل المبكرة من التخطيط لإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع، تتمثّل أحد المهام الرئيسية في إنتاج خرائط أساس

Excavation site in the Downtown of Beirut, Lebanon amongst the modern building 27 April 2014. Matthias Tödt

© Matthias Tödt/Picture alliance/zb

المعلومات الأثرية

إنّ العديد من المدن القديمة في الشرق الأوسط مبنية على طبقات من حضارات مختلفة تعود أحياناً إلى عصور ما قبل