© SHAP

الأرشيف الرقمي

الأرشيف الرقمي

تقدّم التقنيات الحديثة، بما في ذلك الرقمنة تحديداً، فرصاً جديدة لتسجيل وتخزين المعلومات المتعلقة بمواقع التراث الثقافي والآثار التاريخية و بنية المدن القديمة. يمكن رقمنة الخطط والصور وصكوك الملكية والوثائق الأخرى ذات الصلة على نطاق واسع وبتكلفة معقولة.

من خلال تجميع ودمج المعلومات التاريخية والمعاصرة من مصادر مختلفة، يمكن للأرشيف الرقمي أن يضم بمرور الوقت مخزون وافر من المعلومات حول الشكل المادي و البنية الاجتماعية لمدينة أو مكان ما.

في السياق الخاص بالحرب والدمار واسع النطاق للتراث الثقافي في المدن القديمة يمكن للأرشيف الرقمي أن يكون بمثابة ذاكرة هامة لظروف ما قبل النزاع.

ما هي الأغراض العملية للأرشيف الرقمي؟

  • الحماية الطارئة للمعلومات المهددة بالفقدان أو التدمير في نزاع مستمر
  • توثيق درجة تدمير مواقع التراث الهامة وتسجيل انتهاكات الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية التراث الثقافي
  • مرجع للمشاورات حول الرؤية والأهداف من أجل إعادة إعمار مدينة مدمرة
  • مصدر للمعلومات لترميم المباني والمجمعات المتضررة (مخططات الطوابق، ارتفاعات الواجهات، الصور..إلخ)
  • لتوثيق ودعم التأكيد على حقوق الملكية/ الحيازة في المباني التراثية في حال نزوح المالك الشرعي
  • إذا تم استبعاد إعادة الإعمار الفوري بسبب عدم وجود اتفاق سلام مستقر و/ أو موارد مالية، يمكن للأرشيف الرقمي أن يكون بمثابة سجل لحالة البناء بعد النزاع و/ أو حالته الأصلية، و يسهل بذلك عملية الترميم في الوقت المناسب. من الأمثلة على ذلك كنيسة السيدة العذراء في دريسدن، حيث تأخرت عملية إعادة الإعمار لها لأكثر من 40 سنة، ولم تبدأ إلى أن أوجدت إعادة توحيد ألمانيا بيئةً سياسيةً مواتية.

من هم المستخدمون والجمهور المستهدف؟

من المرجح أن يكون المستخدمون الرئيسيون للأرشيف الرقمي ممارسين متخصصين، مثل المهندسين المعماريين ومؤرخي الفن وعلماء الآثار. المعلومات التي يحتويها عن المباني التراثية الفردية يمكن أن تكون ذات فائدة أيضاً لأصحاب المباني الذين نزحوا، أو لورثتهم أو خلفائهم الشرعيين.

كذلك يتوجه الأرشيف الرقمي إلى جمهور أوسع، بما في ذلك عامة الناس، ويمكنه رفع مستوى الوعي بشأن فقدان التراث الثقافي أثناء النزاع، والحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيزها بين اللاجئين والنازحين، وبناء قضية حماية وترميم وإنقاذ التراث المفقود أو المتضرر حالما تتوقف الأعمال العدائية.

النهج والأدوات التقنية

تطوير قواعد البيانات

Team of Syrian Heritage Archive Project at the office

يجب اتخاذ قرارات أولية بشأن تصميم ومحتوى وهيكل قاعدة البيانات التي ستدعم الأرشيف الرقمي. ستعتمد هذه الجوانب، إلى حد ما، على الاستخدام الأساسي المراد وعلى الجمهور المستهدف، والإجراءات المزمعة لتشغيلها وصيانتها.

في بعض الحالات، خاصة عند وجود أي مشاريع قبل النزاع لإعادة تأهيل أو ترميم في المناطق العمرانية، قد يكون بالإمكان البناء على قواعد البيانات أو الأرشيف الموجود سابقاً. من الأمثلة على ذلك المشروع الجامعي “أرشيف حلب في المنفى” الذي أنتج خريطة رقمية مفصلة لمدينة حلب القديمة كما كانت موجودة قبل النزاع المسلح هناك.

اتخاذ قرار أولي رئيسي يتعلق باختيار نموذج قاعدة بيانات مناسب، مثل الهرمي أو الترابطي. ينبغي لقاعدة البيانات أن تسمح بالتخزين المنتظم لكافة المعلومات ذات الصلة في مجموعة متنوعة من صيغ الملفات التي تشمل النصوص والصور والفيديو والصوت. يتعيّن منذ البداية تحديد الفئات الرئيسية لتخزين البيانات ومعالجتها وتنقيتها واسترجاعها.

تبعاً للاستخدام المراد والجمهور المستهدف للأرشيف الرقمي، يمكن تطوير قاعدة البيانات إما كحل قائم بذاته أو عن طريق تكييف نموذج قاعدة بيانات مفتوحة المصدر، مثل لغات البرمجة SQL أوPHP، وهي مناسبة بشكل خاص للأرشفة على شبكة الإنترنت.

يمكن العثور على معلومات فنية حول حلول قواعد البيانات وروابط لأمثلة عملية ضمن مراجع وموارد إضافية.

جمع المعلومات

© Karin Pütt

يعتبر جمع المعلومات أحد الأنشطة الرئيسية عند إنشاء أرشيف رقمي للتراث الثقافي العمراني. لا تتوفر المعلومات ذات الصلة، مثل الخطط والرسومات المعمارية والوثائق والصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو، إلا في صيغة تناظرية فقط. تشمل المصادر المحتملة المؤسسات الأكاديمية والبحثية والمتاحف و الأرشيف العام والمالكين الأفراد والمستأجرين أو الباحثين.

نظراً لوجود مجموعة واسعة من المصادر ثمّة حاجة إلى شبكة من المتخصصين و الخبراء للبحث وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات ذات الصلة. ومن المهم إقامة اتصالات، حتى وإن كانت الأعمال القتالية جارية، مع الخبراء الذين عملوا، أو لا يزالون يعملون، في أقسام الآثار والمؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث و أرشيف المدينة.

يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاستعانة بمصادر خارجية لتشجيع الأفراد على تقديم البيانات والمعلومات. التعامل مع الجمهور المعني مهمة ينبغي أن يتولاها المدراء الخبراء في مجال وسائل التواصل الاجتماعي و التوعية العامة.

الرقمنة

An employee of the Saxon State Library - Dresden State and University Library (SLUB) digitizes a book with the help of a scanner Saxony, Dresden, germany, 11.07.2018. Monika Skolimowska/dpa- Zentralbild/dpa

© Monika Skolimowska/Picture alliance/dpa

يجب تصنيف وتسمية كافة المعلومات التي تم جمعها وفق هيكل قاعدة البيانات، كما يجب رقمنتها بصيغ البيانات المناسبة:

  • كحل بسيط، يمكن نسخ المعلومات نسخاً ضوئياً وتخزينها كصور مع بيانات توضيحية إضافية حسب الحاجة.
  • في نهج أكثر تطوراً، يمكن نقل الخرائط والخطط والمعلومات البصرية الأخرى لتسهيل دمجها في خرائط الأساس الرقمية أو أنظمة المعلومات الجغرافية، ويمكن تحويل المعلومات المكتوبة إلى نص من أجل تسهيل الدمج والسماح بتنفيذ وظائف بحث أكثر شمولاً.

يعتبر تناسق وسلامة وأمن البيانات من الجوانب الرئيسية الأخرى التي يجب أخذها في الاعتبار عند تطوير وإدارة الأرشيف الرقمي، خاصة أثناء النزاع المسلح. ومن منظور أطول أمداً، فإن التوافق مع الأشكال والتقنيات المستقبلية هو موضوع آخر هام.

الروابط للمعلومات الجغرافية

© SHAP

يمكن ربط المعلومات الموجودة في الأرشيف الرقمي بالمعلومات الجغرافية أو دمجها في أنظمة المعلومات الجغرافية   (GIS)  التي تسمح بمعالجة البيانات المكانية والمواقعية. الشرط الأساسي لمثل هذا الدمج هو المرجعية الجغرافية الثابتة لكافة المواضع المحتواة في قاعدة البيانات.

الحل البسيط هو ربط مواضع قاعدة البيانات بخرائط غوغل أو نظام رسم خرائط مماثل مفتوح المصدر.

كما يوجد خيار آخر أكثر تعقيداً يستلزم دمج قاعدة البيانات في نظام معلومات جغرافي متطور للغاية يسمح بتقديم المعلومات المكانية ومعالجتها و عرضها بصرياً في مستويات مواضيعية. في هذه الحالة، يمكن دمج المعلومات المنقولة من قاعدة البيانات في خرائط أساس نظام المعلومات الجغرافية.

مشروع أرشفة التراث السوري

© SHAP/iDAI

دمرت الحرب في سوريا، حتى  تاريخ اليوم، جزءاً كبيراً من تراث البلاد الفريد، وما زالت تشكل تهديداً خطيراً على التراث الثقافي المتبقّي الذي يشمل وثائق تاريخية قيّمة تعتبر ركائز الهوية السورية. و حتى تاريخ اليوم لم يتم تسجيل أو أرشفة هذه الأصول بطريقة علمية شاملة.

تبذل الفرق الدولية في جميع أنحاء العالم جهوداً كبيرة لإنقاذ التراث السوري من خلال توثيقها المنتظم للبيانات والمجموعات المختلفة،وإنشائها لأرشيف إلكتروني على الإنترنت. مشروع أرشيف التراث السوري هو أحد المبادرات التي ساهمت في هذا المسعى – وهو عمل تعاوني بين متحف الفن الإسلامي في برلين وقسم الشرق التابع للمعهد الألماني للآثار. تقوم وزارة الخارجية الاتحادية الألمانية بتمويل المشروع بدعم من أصدقاء متحف الفن الإسلامي.

يسعى المشروع إلى وضع سجل وطني شامل للتراث الثقافي لتقديمه للمؤسسات السورية، بعد توقّف الأعمال القتالية، كمصدر مفيد في سياق الاستعادة وإعادة الإعمار. يأخذ تصميم المشروع في الاعتبار المصالح المعروفة للمستخدمين السوريين المحتملين.

عدا عن توثيق ومسح المباني و المعالم الهامة، يرمي المشروع إلى وضع نهج موحّد يتوافق مع المعايير الدولية التي ثبتت جدواها سابقاً والتي يمكن تطبيقها واستخدامها في سياقات أخرى.

في تشرين الثاني 2013، بدأ المشروع برقمنة أرشيف كل من متحف الفن الإسلامي ومعهد الآثار الألماني اللذان يحتويان على الكثير من المواد المتناظرة، كالصور والمستندات والمخططات والخرائط.

يقوم فريقان ألمانيان سوريان في برلين بمعاينة ورقمنة وحفظ البيانات البحثية الموجودة في هذا الأرشيف. يتم بعد ذلك إدخال البيانات بصيغة منظّمة وموحدة ضمن iDAI.welt، وهو وسط البحث الرقمي في المعهد الألماني للآثار، إلى جانب قاعدة بيانات داخلية لصور متحف الفن الإسلامي، تم إنشاؤها باستخدام تطبيق easydb على شبكة الإنترنت، حيث يتم استخدام العناصر التالية من هذا الوسط:

  • objects / Arachne – قاعدة بيانات صور المعهد الألماني للآثار،
  • gazetteer – قاعدة بيانات الموقع الأثري،
  • iDAI.geoserver المخدّم الجغرافي للمعهد الألماني للآثار لمواد التخطيط والخرائط
  • bibliography/Zenon، الذي يربط سجلات بيانات المباني والمواقع بالمراجع الأدبية ذات الصلة (الدراسات والمقالات الصحفية) من قاعدة بيانات المكتبة

يعتمد هيكل تقانة المعلومات في المشروع على المعايير الدولية، ومن ضمنها النموذج المرجعي المفاهيمي لمركز التوثيق متعدد الثقافات  CIDOC-CRM و LIDO ولذلك فإنه يوفر واجهات متوافقة مع حلول قواعد البيانات الأخرى، ويسهّل بالتالي تبادل البيانات بين الاختصاصيين على الصعيد الدولي.

تمت حتى الآن رقمنة حوالي 120 ألف مجموعة بيانات. و نظراً لتنوع الأدوات المتاحة، يمكن متابعة الاستفسارات من منظورات مواضيعية عديدة مختلفة، بما في ذلك مثلاً حالة الحفظ، والسمات المعمارية الخاصة، والملكية..إلخ.

يمكن ربط مخزون المعلومات هذا المتعلق بحالة المباني التراثية الهامة ما قبل النزاع بمسح وتقييم الأضرار الذي يتم تنفيذه حالياً كمشروع فرعي لمشروع أرشيف التراث السوري، مما يوفّر مرجعاً لأعمال الإصلاح أو الترميم أو إعادة الإعمار الضرورية.

اقرأ المزيد على الموقع الإلكتروني لمشروع أرشيف التراث السوري.

مزيد من المراجع و المصادر

Date: 24. August 2018 | Last modified: 16. August 2019

معلومات ذات صلة ...

A Syrian boy walks past the collapsed minaret of a mosque in the rebel-held city of Douma, outside Damascus, 31 March 2016. Mohammed Badra /EPA

© Mohammed Badra/Picture alliance/dpa

المعالم التاريخية

إن تقييم الأضرار التي لحقت بالآثار التاريخية يلقي نظرةً فاحصة على حالة المباني الفردية، أو مجمعات الأبنية، التي تمتلك قيمة

A torched police station interior in the city of Zawiyah, west of the capital Tripoli, Libya, 05 April 2011. Mohamed Messara/EPA

© Mohamed Messara/Picture alliance/dpa

الضرر المؤسساتي

الحرب والنزاع المسلح لا يدمران المباني والبنى التحتية المادية فحسب، بل يعطّلان البنى والقدرات المؤسساتية ويدمرانها، لا سيما في حالة

The ruined Great Mosque of al-Nuri (foreground) after Islamic State destroyed the symbol of the Old City of Mosul, Iraq, 29 July 2017. Kyodo/MAXPPP

© Yusuke Suzuki/Picture alliance/MAXPPP

الضرر القطاعي

بغية التحقق من النتائج التي يتوصل إليها تقييم كلي للأضرار ولحصر الضرر المادي، يتوجّب إجراء تقييم أكثر تفصيلاً للأضرار القطاعية

UNOSAT_A3_Aleppo_DamagePercentage_20160918

© Unitar/UNOSAT

الضرر الكلّي

ستكون إحدى أولى الأولويات بعد انتهاء القتال هو تقييم الأضرار التي لحقت بالمباني التاريخية والبنية العمرانية الحساسة للمدن القديمة.