© Caroline Seidel/Picture alliance/dpa

خرائط الأساس

خرائط الأساس

في المراحل المبكرة من التحضير لإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع، تتمثّل أحد المهام الرئيسية في إنتاج خرائط أساس مناسبة، ويجب أن تكون خرائط طبوغرافية تبيّن كلاً من الخصائص الطبيعية و الصنعية من قبل الإنسان. عندما تتوفر المعلومات ذات الصلة من الوثائق المعدة قبل النزاع، يمكن لخرائط الأساس أن تبيّن أيضاً سمات التراث العمراني الخاصة والبنية المورفولوجية لمدينة تاريخية ما.

تحتوي الخرائط الطبوغرافية القياسية للتخطيط العمراني عادةً على مقياس من 1:5,000  أو 1:10,000. يعتبر الشكل الرقمي القابل للتوسعة، والذي يمكن استخدامه في نظام المعلومات الجغرافية (GIS) ، مفيداً بشكل خاص.

معلومات المسح اللازمة للتخطيط لإعادة الإعمار في المناطق العمرانية تماثل تلك المطلوبة للتخطيط للتنمية العمرانية.

يجب أن توفر خرائط الأساس المعلومات التالية:

  • الشبكة الجغرافية المرجعية (مسافة 250- 500 م)
  • السمات الطبوغرافية الطبيعية الرئيسية: خطوط المناسيب في خطوات من 10- 20 م (تبعاً للتضاريس)، الوديان والأنهار والمساحات الخضراء، إلخ.
  • طرق المنطقة الرئيسية والثانوية والفرعية وشبكة الشوارع العمرانية
  • الحدود المساحية لقطعة الأرض المخصصة للبناء (إن وجدت)
  • الخطوط العريضة / محيط المباني وموقعها على قطع الأرض المخصصة للبناء
  • المباني والمعالم الهامة، وخاصة تلك التي تهم العامة (المساجد الرئيسية، والمعالم التاريخية، و المراكز الحكومية و/ أو الإدارية….إلخ)
  • ميزات طوبوغرافية هامة أخرى، مثل الجدران الحافظة، مرافق البنية التحتية الرئيسية.. إلخ.

في ضوء التحديات التي تبرز ما بعد النزاع، يجب أن تقدم خرائط الأساس معلومات دقيقة بشكل كافي عن الوضع على الأرض، قبل النزاع وبعده.

بالنسبة للعديد من مراكز المدن التاريخية، قد تكون معلومات الخرائط المتعلقة بحالة ما قبل النزاع متوفرة من مشاريع التخطيط أو التأهيل السابقة، أو من أرشيف الجهات المختصة بالمسح.

ومن جهة أخرى، فإن إجراء مسح دقيق لحالة ما بعد النزاع، لا سيما عند وقوع ضرر كبير بسبب الحرب، قد يكون مهمة صعبة وتستهلك الكثير من الموارد والوقت، وتستلزم تقييماً شاملاً للأضرار من خلال إجراء دراسات استقصائية كبيرة والعمل على أرض الواقع.

لذلك قد تكون هناك حاجة إلى نُهج عملية، مع التركيز أولاً على تلك الأجزاء من مركز المدينة التاريخية التي تم تعيينها كمناطق إعادة إعمار ذات أولوية، وعلى نوع المعلومات الطبوغرافية اللازمة بشدّة للتخطيط. في مراحل لاحقة من عملية إعادة الإعمار، يمكن تجميع معلومات المسح الجزئي هذه لإنتاج خرائط طوبوغرافية كاملة.

لماذا نحتاج خرائط الأساس وكيف يمكن استخدامها؟

يمكن استخدام خرائط الأساس لعدد من المهام والوظائف ذات الصلة عند إعداد وتخطيط وتنفيذ الاستعادة والترميم:

  • لدى التوثيق الجيد للنسيج العمراني والبنية المورفولوجية لما قبل النزاع، خاصة عند ربطه بالأرشيف الرقمي، يمكن لخرائط الأساس أن تكون بمثابة مرجع وأساس لصياغة رؤية و أهداف من أجل الاستعادة والترميم العمراني.
  • إن الجمع أو التداخل بين تقييم الأضرار ما بعد النزاع مع خرائط الأساس التي توضح حالة ما قبل النزاع يمكن أن يساعد على تحديد مناطق إعادة الإعمار ذات الأولوية حيث تتركز المباني أو المجموعات التراثية الهامة.
  • يمكن استخدام خرائط الأساس التي توضح المعلومات المساحية قبل النزاع عند التحقيق في المطالبات المتعلقة بحقوق السكن والأرض والملكية الخاصة بالمالكين والسكان الغائبين أو النازحين.
  • ومن منظور طويل الأمد، توفر خرائط الأساس نقطة انطلاق للتخطيط من أجل إعادة بناء مركز المدينة التاريخية بأكمله، وللتخطيط التفصيلي لمشاريع إعادة الإعمار والترميم على مستوى الأحياء أو مستوى قطع أرض بعينها، وللمراقبة والإشراف على أعمال إعادة البناء التي يقوم بها كل من أصحاب المصلحة والجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص.

المستخدمون والجمهور المستهدف

المستخدمون الرئيسيون لخرائط الأساس هم الاختصاصيون المشاركون في تخطيط وتنفيذ إجراءات إعادة الإعمار، و منهم المخططون العمرانيون والمهندسون المعماريون والمهندسون المدنيون.

لدى استخدامها كمرجع للمداولات والنقاشات حول رؤية وأهداف الاستعادة والترميم، و لكسب الدعم من أجل إعادة الإعمار المراعية للاعتبارات الثقافية، فإن خرائط الأساس التي تظهر حالة ما قبل النزاع هي أداة مهمة عند التعامل مع عامة الناس محلياً ووطنياً وحتى على الصعيد الدولي.

النُهج والأدوات التقنية

صور الأقمار الصناعية

© Atrium/Digital Globe/Handout/picture alliance /dpa

يمكن لصور الأقمار الصناعية، كتلك التي يوفرها غوغل أرض وغيره، أن توفّر نقطة بداية جيدة لإنتاج خرائط الأساس. وفيما يخص المدن الكبيرة تحديداً،  تتوفر بيانات عالية الدقة ومحدثة بشكل دوري. ولإمكانية دمجها وتداخلها مع خرائط الأساس عبر الإنترنت، كما هو معروض في OpenStreetMap، فإنه يمكن لهذه الصور توفير معلومات دقيقة بما يكفي  لتوثيق الأحوال على الأرض، ولأغلب مهام التخطيط الأساسية. ويمكن استكمالها إن اقتضت الضرورة بمعلومات من مصادر أخرى، مثل يونوسات أو مزودي الخدمات التجارية الخاصة.

قد لا تقدم صور الأقمار الصناعية الدقة والجودة اللازمين عند توثيق حالة ما قبل النزاع.

الخرائط المساحية

تعدّ الخرائط المساحية التي تبين حدود وملكية الأراضي وقطع الأرض أكثر المصادر دقة لإعداد خرائط الأساس. بالنسبة لبعض مراكز المدن التاريخية في الشرق الأوسط، تتوفر هذه الخرائط المساحية في المسوح والسجلات المساحية السابقة. من ناحية أخرى، لم يتم تحديث هذه الخرائط بانتظام إلا في حالات قليلة. ولذلك فهي توفر لقطات تاريخية وليس معلومات محدّثة حول الملكية الفعلية وقطع الأرض.

كما قد تكون الخرائط والسجلات المساحية المفيدة قد فقدت أو دمّرت أثناء النزاع المسلح.

مسوحات المباني على الأرض

© Credit to be inserted

يلزم إجراء مسوحات المباني للحصول على قياسات دقيقة في الحالات التي تكون فيها الخرائط المساحية قديمة أو مفقودة أو مدمرة، وفي حال عدم توفّر صور الأقمار الصناعية ذات الجودة والدقة المناسبين.

يمكن أن تكون هذه المسوحات ذات أهمية خاصة في حالة المباني أو المجمعات الهامة إن لم يكن قد تم تعليمها في مخططات ما قبل النزاع أو في حال تم تدمير مخططاتها ووثائقها الأصلية. لغرض إنتاج خرائط الأساس، تكفي مخططات الطوابق. بشكل عام هناك حاجة إلى مسوحات مباني اكثر شمولاً فقط لأغراض التوثيق و الأرشفة، وعند التخطيط لأعمال إعادة البناء أو الترميم الفعلية (انظر أيضاً تقييم أضرار المباني التاريخية).

نظم المعلومات الجغرافية (GIS)

© Credit to be inserted

من الناحية النظرية، ينبغي دمج كافة المعلومات الخرائطية في نظام معلومات جغرافية شامل.

في المدن التي سبق أن تم فيها تنفيذ مشاريع التجديد العمراني عقب نزاع ما، كما هو الحال في مدينة حلب القديمة، قد تكون الخرائط المساحية متاحة بصيغة رقمية أو حتى كنظام معلومات جغرافية مكتمل الأركان.

إن كان الوصول إلى هذه المعلومات ممكناً، فستوفر أساساً جيداً لإنتاج خرائط أساس دقيقة و حديثة.

خريطة مورفولوجية لمدينة حلب القديمة

© BTU Cottbus

قام علماء في جامعة براندنبورغ للتكنولوجيا في ألمانيا بإنتاج خريطة رقمية مفصلة لمدينة حلب القديمة تُظهر الهيكل العمراني وحالة الأبنية من عام 2011 بمقياس قابل للطباعة 1:1,000 (مقياس عمل 1:500).

تطلب عمل الفريق تنظيم 20 غيغابايت من البيانات، حيث أتت معظم المعلومات والبيانات من مشروع التجديد ما قبل النزاع لمدينة حلب القديمة، والذي تم تنفيذه بدعم ألماني في الفترة من 1994 إلى 2011. قام الباحثون بدمج رقمي للطرقات وممرات المشاة والساحات العامة مع النوافير والتماثيل والمساحات الخضراء والمخططات الأرضية للمباني السابقة، واضعين بذلك الأساس لإعادة إعمار المدينة.

تعتمد الخريطة على المخططات المساحية في حلب وتتضمن 16000 قطعة من المدينة القديمة، وحوالي 400 مخطط أرضي للمباني الهامة، بما في ذلك منطقة السوق والقلعة والمباني الواقعة في جنوبها وغيرها في ساحات بندرة الإسلام والجديدة والبياضة وجب قره مان. كما تتعقب الخريطة التحولات العمرانية الأكثر أهمية في القرن العشرين عن طريق طبقات تظهر الهياكل العمرانية وقطع الأرض من كلا المخططات المساحية لعام 1945 ومخططات ما قبل الحرب.

في المستقبل، سيكون من الممكن النقر على الخريطة الرقمية للمدينة القديمة على جهاز كمبيوتر أو جهاز لوحي أو هاتف جوال، وإلقاء نظرة على مخططات البناء والصور والأوصاف الخاصة بموقع معين. تقوم الخريطة بإحياء المباني والهياكل التي تخفيها الأنقاض والحطام حالياً. و اليوم، في الأماكن التي تظهر الأنقاض فيها فقط، فإن الخرائط  تُظهر الجدران و الطرقات و الأزقة و الأراضي الموجودة تحتها.

كان لهذه الهياكل والنسيج العمراني الفريد يد في تسجيل المدينة القديمة من قبل اليونسكو كموقع للتراث العالمي في عام 1986. من المتوقع أن يسهم المشروع، من خلال التوعية، في الحفاظ على النسيج العمراني من خلال تدابير إعادة إعمار دقيقة ومنع التوسعات غير المرغوب فيها التي تتجاهل البنى الهامة الموجودة. الهدف من ذلك هو وضع أساس تخطيط سليم لإعادة التأهيل. يمكن النظر في مشاريع البناء الفردية المستقبلية وتقييمها لخلق التوافق مع الخريطة الرقمية. وعليه، يدعو المشروع إلى اتباع نهج يتجنب إعادة بناء المدينة القديمة واسع النطاق، ويسعى بدلاً من ذلك إلى تعزيز إعادة الإعمار المراعية للاعتبارات الثقافية، والتي تولي اهتماماً لمصالح السكان أيضاً.

Date: 24. August 2018 | Last modified: 20. August 2019

معلومات ذات صلة ...

A Syrian boy walks past the collapsed minaret of a mosque in the rebel-held city of Douma, outside Damascus, 31 March 2016. Mohammed Badra /EPA

© Mohammed Badra/Picture alliance/dpa

المعالم التاريخية

إن تقييم الأضرار التي لحقت بالآثار التاريخية يلقي نظرةً فاحصة على حالة المباني الفردية، أو مجمعات الأبنية، التي تمتلك قيمة

A torched police station interior in the city of Zawiyah, west of the capital Tripoli, Libya, 05 April 2011. Mohamed Messara/EPA

© Mohamed Messara/Picture alliance/dpa

الضرر المؤسساتي

الحرب والنزاع المسلح لا يدمران المباني والبنى التحتية المادية فحسب، بل يعطّلان البنى والقدرات المؤسساتية ويدمرانها، لا سيما في حالة

The ruined Great Mosque of al-Nuri (foreground) after Islamic State destroyed the symbol of the Old City of Mosul, Iraq, 29 July 2017. Kyodo/MAXPPP

© Yusuke Suzuki/Picture alliance/MAXPPP

الضرر القطاعي

بغية التحقق من النتائج التي يتوصل إليها تقييم كلي للأضرار ولحصر الضرر المادي، يتوجّب إجراء تقييم أكثر تفصيلاً للأضرار القطاعية

UNOSAT_A3_Aleppo_DamagePercentage_20160918

© Unitar/UNOSAT

الضرر الكلّي

ستكون إحدى أولى الأولويات بعد انتهاء القتال هو تقييم الأضرار التي لحقت بالمباني التاريخية والبنية العمرانية الحساسة للمدن القديمة.